مفهوم العالم التنموي؟ وكيف يسهم في تفعيل التنمية المحلية؟

مفهوم العالم التنموي؟ 
وكيف يسهم في تفعيل التنمية المحلية؟

مفهوم العالم التنموي؟  وكيف يسهم في تفعيل التنمية المحلية؟
مفهوم العالم التنموي؟  وكيف يسهم في تفعيل التنمية المحلية؟

مدخل مفاهيمي: 

إذا أخذنا بالقول الحكيم بأن نأتي الأمور من أبوابها، فال بد من أن نسعى إلى تعريف محدد ألهم مفهومي هذه الورقة، ألا وهما: التنمية المحلية والإعلام التنموي:

أ- مفهوم التنمية المحلية:

هي تلك العمليات التي توحد جهود الأهالي وجهود السلطات الحكومية لتحسين الأحوال الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية للمجتمعات المحلية، وتحقيق تكامل هذه المجتمعات في إطار حياة الأمة ومساعدتها على المساهمة التامة في التقدم القومي، وتقوم هذه العمليات على عاملين أساسيين هما مساهمة الأهالي أنفسهم في الجهود المبذولة لتحسين مستوى معيشتهم والمساعدة الذاتية والمتبادلة بين عناصر المجتمع وجعلها أكثر فعالية

ويعرفها الأستاذ أرتر دونهام (Arthur Dunham) بأنها نشاط منظم بغرض تحسين الأحوال المعيشية في المجتمع وتنمية قدراته على تحقيق التكامل الاجتماعي والتوجيه الذاتي لشؤونه، ويقوم أسلوب العمل على تعبئة وتنسيق النشاط التعاوني والمساعدات الذاتية للمواطنين، ويصحب ذلك مساعدات فنية من المؤسسات الحكومية والأهلية ) 

فالتنمية المحلية بهذا المعنى تغيير في البنية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع المحلي، بواسطة جملة من السياسات العامة والبرامج الحكومية، تكون للأجهزة المركزية والمحلية للدولة دور فعال في مجال التصميم والإعداد والإشراف على تنفيذ سياسات التنمية المحلية، ويقصد بالسياسات العامة للتنمية المحلية مجموعة الأهداف الملائمة لتحقيق التنمية الفعالة 

ب-مفهوم الإعلام التنموي:

تعددت تسميات الإعلام التنموي، فتارة يسمى )الصحافة المتخصصة في مواضيع التنمية(وتارة )الإعلام للتنمية( وتارة أخرى )الإعلام لمساندة التنمية.

وكيفما كانت التسمية فإنه يحمل معنى واحدا، تحدده نورا كبرال (Nora Queberal بقولها:

"إنه فن وعلم الاتصال الإنساني الذي يستهدف الإسراع في تحويل البلد من الفقر إلى حالة ديناميكية من النمو الذي يوفر إمكانية أعظم للمساواة الاقتصادية والاجتماعية وإنجاز أعظم للإمكانات البشرية" 

من خلال هذا التعريف نستنتج أن الإعلام التنموي يتضمن كل إعلام يستهدف تحقيق أهداف الخطة التنموية ويعمل على تسييرها. أو هو وضع النشاطات المختلفة التي تطلع بها وسائل الإعلام في مجتمع ما في سبيل خدمة قضايا المجتمع وأهدافه العامة.

أو بمعنى آخر هو العملية التي يمكن من خالها التحكم بأجهزة الإعلام ووسائل الاتصال الجماهيري داخل المجتمع وتوجيهها بالشكل المطلوب الذي يتفق مع أهداف الحركة التنموية ومصلحة المجتمع العليا.

إذا فالعالم التنموي هو استخدام وسائل الاتصال من إذاعة مسموعة، وإذاعة مرئية تلفزيون وصحيفة وكتاب في تحويل مسار المجتمعات، من حالة هي عليها إلى حالة أفضل وأحسن، وذلك عن طريق الدراسة الموضوعية والإحصائيات والمعرفة التسجيلية للواقع والتخطيط والمتابعة وما شابه ذلك من أصول العلم، إضافة إلى المهارة المهنية والذاتية التي تطلبها فنون الممارسة في العمل الإعلامي

ج- أهداف الإعلام التنموي

ينضوي تحت مظلة مصطلح الإعلام التنموي مجموعة من الأهداف، كما حددتها النشاطات العلمية التي تناولت تأثير وسائل الإعلام في التجارب التنموية.

وقد تم تحديد أهداف الإعلام التنموي في المؤتمر الدولي لسياسات الاتصال للإسراع بتنمية الاجتماعات الذي عقد سنة 0721، وذلك على النحو التالي:

-  تحديد حاجات الناس ومنحهم شرعية مصداقية سياسية للتعبير عن تلك الحاجات بتزويد المواطن بمنفذ للنظام الاتصال ليخدم كمرجع فعال للحكومة فيما يتعلق بأهداف التنمية وخططها.

-  تزويد جميع مستويات المجتمع بروابط اتصالية أفقية ورأسية ويدخل ضمن ذلك تنمية أساليب الاتصال التقليدية لدى المجتمع.

-  دعم الثقافة القديمة للمجتمعات المحلية عبر وسائل الإعلام الجماهيرية والمحلية التي تعتمد على التشجيع الفني للاعتراف القومي بهذه الثقافة.

-       العمل على رفع الوعي لدى الناس بمشاريع وفرص التنمية.

-       العمل على تعزيز الاتجاهات والدوافع التي تساهم في التنمية.

-       التزويد بالمعلومات المناسبة التي تحتاج إليها عملية التنمية في جميع مراحلها.

-       تدعيم التنمية الاقتصادية من خلال إيجاد روابط اجتماعية.

-  توفير الدعم لبعض المشاريع التنموية المحددة والخدمات الاجتماعية بما فيها الرعاية الصحية، التدريب الزراعي والمهني والمصلحة العامة، مشاريع تنظيم الأسرة

د- مهامه:

-  توفير المعلومات للسكان عن التنمية وشروط نجاحها، وكيفية إنفاق المال العام، وشرح القوانين وتبسيط الإجراءات، وذلك من خلال تنشيط وتوسيع الحوار وإتاحة الفرص أمام الناس للتعبير عن آرائهم وأفكارهم بخصوص كل مشاريع الحكومة، وكذلك الاستماع أقوالهم وآرائهم والأخذ بالجادة منها.

-  اختيار المعلومات بشكل دقيق وجذاب واستخدام أساليب مشوقة من أجل جذب كل شرائح المجتمع للتفاعل مع الوسائل الإعلامية.

-  تعليم الناس المهارات والأساليب اللازمة التي تطلبها عملية التحديث والتطوير ال سيما الجرأة وانتقاد الخطأ وانتقاد المسؤول الذي يخطئ، وعدم الخوف من المدير والوزير وأعضاء القيادة

أن كل هؤلاء يتعرضون للمساءلة، وتعتبر وسائل الإعلام أهم سالح في مساءلة الخارجين عن القانون والنظام العام وذلك من خلال نشر أعمالهم وأفعالهم المخالفة للنظام العام.


 نظريات الإعلام التنموي:

انبثقت مجموعة من النظريات التي قدمها باحثون عالجت دراساتهم عالقة الإعلام بالتنمية، وتدخل في إطار مصطلح الإعلام التنموي، ومن أبرزها:

أ- نظرية التحضر عند دانيال ليرنر (Daniel Lerner):

تعتبر نظرية ليرنر عن التحضر من أشهر النظريات الإعلامية في التنمية، وركزت على دور وسائل الاتصال في التحضر، ويحدد ليرنر مفهومه عن التحضر بالحضارة الغربية التي يعتبرها الإساس والهدف الذي يتطلع له أبناء الشرق الأوسط شاؤوا أم أبوا، وتعتبر الحالة النفسية التي أطلق عليها ليرنر التقمص الوجداني (Empathy) هي أساس نظريته التنموية، فالأشخاص المتقمصون هم أولئك الذين يملكون قدرة عالية للاستجابة لكل جديد في بيئة متغيرة، ويرتبط بقوة هذا الحراك (Mobility) الذي يعني القدرة العالية على التغيير )01(. وهنا يأتي دور وسائل الإعلام وهو مضاعفة الحراك الذهني للأفراد بصورة مباشرة أو غير مباشرة وبالتالي نشر اتجاهات محابية للتغيير الاجتماعي.

ويوضح ليرنر أن النظم الإعلامية والاجتماعية تسير جنبا إلى جنب، ويقول إن وسائل الإعلام أكبر عامل فعال في التنمية، فعن طريقها يتعلم الناس المشاركة وذلك باختيار مواقف غريبة وجديدة عليهم، ويتدربون على الاعتماد على سلسلة من الآراء يكون لهم حرية الاختيار بينهما. كما أن وسائل الإعلام تصور مستويات متعددة أنواع من المعيشة أكثر ثراء، وتقدم الحلول من أجل الوصول إلى هذه المستويات

وقد دفع الاتجاه النفسي الذي أوحى به ليرنر العديد من علماء الاتصال لفحص العالقة السببية بين انتشار وسائل الإعلام وإمكانية القراءة والتعليم والتحديث والتطور الاقتصادي وقدموا اقتراحاتهم حول ذلك أمثال عالم السياسة مككنرون (Charles Cnudde^ (McCnrone) في عام 0712، النموذج للتنمية السياسية الديمقراطية يتنبأ بزيادة في التمدن تؤدي إلى زيادة في التعليم الذي يؤدي بدوره إلى الزيادة في الإعلام وأخيرا زيادة في النمو السياسي والديمقراطي.

نقد نظرية ليرنر: يمكن تلخيص الانتقادات التي قدمت لنظرية ليرنر في الآتي:

-  سلم ليرنر بشكل قاطع بأن التخلف هو أحد مراحل التطور في الوقت الذي أغفل فيه العوامل التي أدت إلى السكن في المدن وكيف حدث ذلك؟ وهل يمكن أن يحدث ذلك بنفس الطريقة وبنفس السرعة؟ كما أنه لم يناقش نسبة التعليم في العواصم الكبرى التي أطلق عليها مدن الصفيح، وهل أدى تعرضهم لوسائل الإعلام إلى التعلم؟ وما مضمون ما تعلموه؟ ولم يقدم تعليلا لتلك التساؤلات

-  لم يفرق ليرنر بين التحديث والتنمية واعتبرهما شيئا واحدا، فالتنمية عملية شاملة، بينما التحديث يمكن أن يكون المظهر المادي للتنمية.

-  أغفل ليرنر الجانب التاريخي الذي أذى إلى التقدم في بعض المناطق من العالم والتخلف في الجانب الآخر، كما أغفل التبعية كإفراز من إفرازات السيطرة الاستعمارية.

-  إن ليرنر بدعوته تحطيم البنى الاجتماعية التقليدية للبلدان النامية وبالتالي تقمص الأدوار والأنماط الاجتماعية الغربية فإنه يحطم أي محاولة نهوض حضارية ذاتية ما دفع العديد من الباحثين في هذا المجال إلى وصفه بالعرقية.

-  اختزال التنمية في نظرة سيكولوجية وإغفاله للأبعاد التاريخية والسياسية والاجتماعية والثقافية فضال عن تحيزه للنموذج الغربي وطرحه لنموذج وحيد قابل للتكرار في دول العالم الثالث . 

ب- روجرز وانتشار المستحدثات (Diffusion of Innovation):

في عام 0717 أصدر روجرز (Everett Rogers) كتابه نشر الأفكار المستحدثة Diffusion of innovations، وفيه لخص ما يزيد على 111 بحث ومقالة أعدت خلال سبع سنوات من الدراسات التطبيقية عن تقديم ونشر الأفكار الجديدة داعما بذلك ظهور نظرية عامة عن انتشار الأفكار المستحدثة ، وتعتبر دراسة روجرز المبكرة من أشهر الدراسات في هذا الصدد ، إذ ركز على دور وسائل الإعلام في نشر الأفكار والمستحدثات الجديدة، وانتهى روجرز، إلى أن معرفة القراءة والكتابة، والتعليم والمرتبة الاجتماعية والعمر والتفتح على ثقافات مختلفة، ترتبط بطرق التفكير والطموحات والتعاطف والقدرة على الابتكار، كما انتهى روجرز إلى أن التفتح على وسائل الإعلام هو المتغير المؤثر بالإضافة إلى التعليم، ويعتبر ذلك مؤشرا للتنمية، وذهب أيضا إلى أن ذلك يقوي حوافز الإنجاز ويقلل من الإيمان بالقدر، وأدى ذلك بدوره إلى رغبة أقوى من تجربة المنتجات والمناهج الجديدة ويشجع الطموحات.

وقسم روجرز الأفراد حسب سرعة تبنيهم للأفكار إلى خمس فئات على النحو الآتي: المبتدعون للأفكار، المتبنيون الأوائل، الغالبية المتقدمة الغالبية المتأخرة، المتلكئون

نقد النظرية: الملفت للنظر أن روجرز قد انتقد نظريته في مرحلة متأخرة، واعتبر أنها قد ساهمت في توسيع الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين سكان الأرياف وسكان المدن. كما اعتبر روجرز الأفكار المستحدثة فكرة تكنولوجية تناسب النموذج القائم على إدخال التكنولوجيا وعلى نموذج اتصالي يمتد من القمة إلى القاعدة  وأشار إلى أن الأبحاث التي جرت في العالم النامي برهنت على دور انتشار الأفكار المستحدثة في توسيع الفجوة بين الاقتصادية والاجتماعية بين سكان الأرياف

وأشار بعض الدارسين العالميين في حقل التنمية أن نموذج روجرز قد أهمل الظروف الخارجية في إعاقة قبول المستحدثات لدى الفالحين، وأكد بعضهم على عدم كفايته من منطلق أن التكنولوجيا الجديدة ال تناسب وضع الفالحين، ومن منطلق أيضا عدم الاهتمام بالموارد المحلية التي يستخدمها الفالح التقليدي. كما لم يفرق بين الأفكار الضارة وغير الضارة، وتصور الاتصال كعملية رأسية تركز على المستقبل ودوافعه تجاه تبني أو رفض الأفكار ونتيجة لذلك تجاهل الباحثون رجع الصدى ولم يحاولا معرف ما إذا كان يرفض الفكرة راجعا إلى عدم جدواها أو لقصور المعلومات المقدمة للجماهير.

كما وجه هيديبرو انتقادا لهذه النظرية لاعتمادها على المفهوم الغربي للتنمية في العالم الثالث، ذلك أن التنمية لدى روجرز في مراحلها الأولى هي التحديث على مستوى النظام الاجتماعي، وكل ما تحتاج له دول العالم الثالث تقنيات جديدة، قيم جديدة، منتجات جديدة ونظاما اجتماعيا جديدا، وبذلك لم يخرج من عرقية ليرنر 

كما أهمل روجرز أيضا العالقات الاقتصادية الدولية في القرن التاسع عشر وما اقترفته من تبعية للغرب وبالتالي تفاقم الفجوة الاقتصادية بين البلدان النامية والبلدان الفقيرة.

ج- شرام والتنمية الوطنية:

يعتبر كتاب ولبر شرام (Schramm) عن وسائل الإعلام ودورها في التنمية الوطنية mass media and national development من أكثر الكتب شهرة في حقل الاتصال والتنمية. وفيه يؤكد "شرام" حاجة الدول النامية إلى نظام إعلامي وطني قوي، ويعبر عن تفاؤله بدور وسائل الإعلام في التنمية الوطنية بقوله: "إن وسائل الإعلام هي الأدوات الكبرى لتضخيم الأحداث وأفضل أمل لأمة في تعويض بعض تخلفها الإعلامي، والحفاظ بالقدر الذي يمكن للمعلومات أن تساعد به على الالتزام بالجداول الزمنية للتنمية الوطنية، ولهذا السبب فإن على الدول النامية أن تنظر بعناية إلى الفائدة التي تحققها من استخدام وسائل الإعلام"

ويرى أن التغيير الاجتماعي أمر ضروري لا لنطالق نحو العملية التنموية وذلك بإدراك الناس للحاجات التي ال تستطيع العادات القائمة أن تلبيها وال السلوك الحالي إشباعها، وهنا يكمن دور وسائل الإعلام التي تستخدم لجر أقدام الناس لذلك، فالعالم الذي يتزايد تداوله هو الذي يضع بذرة التغيير إذ يهيئ المناخ للتنمية الوطنية، فهو يسير خبرة الخبراء حيث تقوم الحاجة إليها ويقدم المنبر للمناقشة، وهو يرفع المستوى العام للتطلعات التي تدفع إلى عملية التحول العصري، إذ تدفع الفالح ألن يكون مالكا للأرض وتدفع ابنه لتعلم القراءة والكتابة وليحصل على عمل في المدينة وتدفع زوجة الفالح ألن توقف الوالدة ... الخ) 

كما يرى شرام أن الإعلام إذا أحسن استخدامه يمكن أن يساعد على توثيق عرى البالد بجماعاتها المتباعدة وثقافاتها الفرعية المتباينة وأفرادها وجماعاتها المنطوية على نفسها وتمنياتها المنفصلة وأن يجعل خطة التنمية خطة وطنية حقيقية )01(، ويقر أن وسائل الاتصال جماهيري تستطيع أن تلعب دورا في تذليل العقبات والصعوبات التي تواجه التنمية.

نقد نظرية شرام:

يختلف شرام عن غيره من علماء الاتصال الاجتماعي الغربيين، فقد سلك مسلكهم في اعتبار النمط الغربي هو النموذج الأمثل الذي يجب أن يتوجه نحوه أبناء العالم الثالث، وهو بذلك يغفل كغيره من علماء الاتصال استحالة حدوث نفس الشروط والظروف التي أوصلت الغرب إلى تلك الحالة من التطور التكنولوجي والمادي.

كما يتفق شرام مع غيره من الباحثين الغربيين في هذا المضمار على ضرورة حدوث التغيير الاجتماعي الشامل وفقا لما يمليه أنموذج التحديث الذي أتى به ليرنر، لذا فإن شرام ال يدعو البلدان النامية إلى التطوير حسب الشكل السائد في العالم الغربي، دون النظر إلى ظروفها التاريخية التي مرت بها وخلقت منها الوجه الآخر للتقدم الاقتصادي الذي يعيشه الغرب.

ومن خلال النظريات الثالث السابقة يتضح أنها تشترك في دعوتها لبلدان العالم الثالث إلى أن تصبح مثل الغرب، وفي ذلك تشويه لبنائها الاجتماعي والثقافي وقتال لروح الإبداع والنهوض الذاتي، كما أن تلك النظريات قد أغفلت الظروف التاريخية التي مرت بها شعوب العالم الثالث ممثلة بالاستعمار وآثاره الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. كما ركزت على الجانب المادي والتكنولوجي في تنمية بلدان العالم الثالث وهي بذلك تزيد من التبعية ومقدار الفجوة الاقتصادية بين العالم النامي والعالم الصناعي

د- النظرية التنموية: الإعلام التنموي وفق النظام الإعلامي الجديد

نظرا التخالف ظروف العالم النامي، وخاصة الدول التي ظهرت للوجود في منتصف القرن العشرين، والتي تختلف عن الدول المتقدمة من حيث الإمكانيات المادية والاجتماعية، كان ال بد لهذه الدول من أنموذج إعلامي يختلف عن النظريات التقليدية، ويناسب هذا النموذج الأوضاع القائمة في المجتمعات النامية، فظهرت النظرية التنموية في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، في إطار جهود اليونسكو، حيث برزت الدعوة إلى إقامة نظام إعلامي دولي جديد باعتباره من اللوازم الأساسية لمواجهة الاختراق الثقافي ودمج سياسات الاتصال في استراتيجية التنمية.

وتقوم النظرية على الأفكار والآراء التي وردت في تقرير لجنة ماكبرايد حول مشكلات الاتصال في العالم الثالث، والذي أكد في تقريره أن "الاتصال يعتبر موردا رئيسيا من موارد التنمية، ووسيلة لضمان المشاركة السياسية الحقيقية وقاعدة معلومات مركزية لتحديد الاختيارات السياسية، وأداة لخلق الوعي بالأولويات القومية

وتكتسب النظرية التنموية وجودها المستقل من نظريات الإعلام الأخرى من اعترافها وقبولها للتنمية الشاملة والتغيير الاجتماعي، وتتلخص أفكارها فيما يأتي:

-       أن وسائل الإعلام يجب أن تقبل تنفيذ المهام التنموية بما يتفق مع السياسة الوطنية القائمة.

-  أن حرية وسائل الإعلام ينبغي أن تخضع للقيود التي تفرضها الأولويات التنموية والاحتياجات الاقتصادية للمجتمع.

-       يجب أن تعطى وسائل الإعلام أولوية للثقافة الوطنية واللغة الوطنية في محتوى ما تقدمه.

-  أن وسائل الإعلام مدعوة في إعطاء أولوية فيما تقدمه من أفكار ومعلومات لتلك الدول النامية الأخرى القريبة جغرافيا وسياسيا وثقافيا.

-       أن الصحفيين والإعلاميين في وسائل الإعلام لهم الحرية في جمع وتوزيع المعلومات والأخبار.

-       أن للدولة الحق في مراقبة وتنفيذ أنشطة وسائل الإعلام واستخدام الرقابة خدمة للأهداف التنموية.

-  كما يحدد مصطفى المصمودي المهام الجديدة الإعلام التنموي في دول العالم الثالث على ضوء مفهوم النظام الإعلامي الجديد في النقاط الآتية

-ضرورة الارتباط بأهداف التنمية الشاملة وخططها، وضرورة التكامل بين السياسات الثقافية والسياسات الاتصالية.

-  تدعيم الانتماء القومي والرغبة في المشاركة السياسية، وخلق الوعي لدى الجماهير بأهمية الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس.

-       بناء نموذج اتصالي يقوم على المشاركة ويحقق ديمقراطية الاتصال.

-  تشجيع الحوار حول التنمية وتركيز الاهتمام على جهود منشطي التنمية وقادة الرأي، فمن خلال هؤلاء تستطيع وسائل الإعلام التأثير على مجرى الأحداث.

-  تحرير المجتمع من التواكل والجمود، وتشجيع المطامح الشخصية، وحث المساكتين على تحسين ظروف حياتهم بالعمل البناء.

-  تشخيص وتسجيل التحولات الاقتصادية ورصد الاكتشافات الجديدة، وكشف الانعكاسات التي قد تكون عائقا في سبيل التنمية.

 

 نقد النظرية:

لم تسلم هذه النظرية أيضا من انتقادات المختصين رغم الأهداف التي سطرت من أجل تحقيقها، فالمتأمل لواقع الإعلام التنموي سواء في العالم الثالث أو في العالم الغربي، يلاحظ عمق التناقض بين عناصر النظام الإعلامي الدولي الجديد وهذا الواقع، حيث لم تنجح هذه الدول في صياغة سياسات إعلامية تنموية ملائمة لظروفها ومن ثم أصبح الوضع الحالي لوسائل الإعلام من ناحية الشكل )البناء الطبقي لتدفق المعلومات( والمضمون )إعطاء صورة واحدة للتغيير( أمرا يتطلب مراجعة شاملة )

ويؤكد فاروق أبو زيد التناقض بين حماس الحكومات العربية إقامة هذا النظام الجديد ورغبتها في وضع حدود على وسائل الإعلام الدولية والمحلية بقوله: "إذا كانت الحكومات صادقة في تحمسها للنظام الإعلامي الجديد، فعليها أن تربط مطالبها الدولية بالنص على تطبيقاته المحلية من خلال تعديل نظام تبادل الأنباء ليكون أكثر عدال وتوازنا بين الحكام والمحكومين، ومن خلال معالجة احتكار السلطات السياسية لملكية وسائل الإعلام، وإلغاء القيود المفروضة على ملكية وسائل الإعلام وحرية إصدار الصحف" )

ولصياغة سياسات إعلامية تنموية ملائمة يقول محمد سعد ابراهيم: "إن المدخل الصحيح، يتمثل في إعادة النظر في الأنظمة الإعلامية المختلطة التي ال تتيح حرية التعبير، وال تحقق ديمقراطية الاتصال... ففي ظل الاحتكار الحكومي لحق الإعلام، وغياب ديمقراطية الاتصال تصبح الأولوية لتدعيم الأوضاع القائمة، وتتراجع التنمية الوطنية خاصة إذا اصطدم التغيير الاجتماعي والسياسي والثقافي بمصالح السلطات السياسية الحاكمة".

ومن خلال استعراض نظريات الإعلام التنموي في دول العالم الثالث يمكن أن نوجز الملاحظات التالية:

٠  ال يوجد نموذج واحد للاتصال والتنمية يصلح للتطبيق في كافة الدول النامية، ومن ثم تبدو أهمية صياغة نماذج بديلة تلائم واقع المجتمعات المختلفة دون إغفال ما توصلت إليه النظريات والنماذج السابقة من نتائج.

٠  أن أزمة الإعلام التنموي تكمن في الإساس في الممارسات الإعلامية، وطبيعة العلاقة بين السلطات السياسية ووسائل الإعلام، وما لم تعد صياغة هذه العلاقة على أسس عادلة ومتوازنة، سيظل الإعلام التنموي مجرد شعار للدفاع عن الأوضاع القائمة وتكريسها.

٠  دور وسائل الإعلام في عملية التنمية دور مساند أو مشارك، يتمثل في المساعدة على تهيئة مناخ موات للتنمية.

٠  أن نجاح الدور التنموي لوسائل الإعلام يتوقف على مدى تحديد ديمقراطيته الاتصال، بمعنى تزايد التنوع والتعدد في المضمون، وتزايد المشاركة الشعبية في العملية الاتصالية، وتمثيل كافة التيارات والقوى الاجتماعية والسياسية في وسائل الإعلام كما وكيفا.

٠  أن الدور التنموي لوسائل الإعلام ينبغي أن يأخذ في الاعتبار تكامل الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعملية التنمية .

دور الإعلام التنموي في تنمية المجتمعات المحلية

يقصد بتنمية المجتمعات المحلية في الدول النامية اتباع الأساليب الحديثة في العمل الاجتماعي والاقتصادي في مناطق معينة، وتقوم على أساس إحداث تغيير حضاري في طريقة التفكير والعمل والحياة، عن طريق إثارة وعي البيئة المحلية به — إن لم يكن ذلك الوعي قائما- أو بتنظيمه إن كان قائما، ثم بالمشاركة في الإعداد والتنفيذ من جانب أعضاء البيئة المحلية جميعا في المستويات الممكنة عمليا وإداريا .

ويمكن الحديث عن دور الإعلام التنموي في التنمية المحلية من خلال الأبعاد الآتية:

٠:٠ التنمية السياسية: ويمكن تلخيصها في رأي عام قوي، ثقافة سياسية حقيقية ومشاركة سياسية، والإعلام له دور في نشر الوعي بين المواطنين عن ضرورة المشاركة السياسية وأثرها في ارتقاء الحياة السياسية، كما أننا يجب أن نتكلم عن الإذاعة التي تعتبر للكثير من المواطنين المصدر الوحيد للمعرفة، فالإذاعة تقع على عاتقها إلى جانب الصحافة التي تشكل رأيا عاما قويا من خلال البرامج السياسية وتنمي الوعي السياسي لدى المواطن، وبإمكان الإذاعة ببرامجها المتنوعة إيجاد قاعدة عريضة وتطوير الشعور بالانتماء للوطن الواحد، فهي وسيلة للتعليم الجماعي وتعويد المواطنين على المعايشة البناءة على الرغم من اختلاف الآراء، وهي كذلك تدريب على المواطنة .

: التنمية الثقافية والاجتماعية: هي قبل كل شيء تنمية بشرية وثقافية تستلزم إحداث تغييرات جوهرية في الفعل والسلوك والآراء والاتجاهات والمعتقدات والقيم وطرق التفكير

والتنمية الاجتماعية والثقافية تعني رفع المستوى الثقافي لدى المواطنين وتأصيل العادات والقيم الاجتماعية الصحيحة، ونبذ تلك القيم والعادات التي لا تتلاءم مع طبيعة المجتمع والتي من شأنها تشويه المجتمع وإخفاء ملامحه الأصلية، وسنجد أن الإعلام المحلي يلعب هنا دورا خطيرا في ذلك النوع من التنمية، فالإذاعة والتلفزيون والصحافة عليها مسؤولية تثقيف الشعب ونشر الوعي بين المواطنين وتنقية العقول... من خلال إثارة الاهتمام وتركيز الانتباه على عادات وممارسات وأساليب تكنولوجية جديدة تساعد على إدراك الأفراد بالحاجة إلى تغيير بعض عاداتهم وأنماط سلوكهم .

ولعل أهم دور يمكن أن تقوم به وسائل الإعلام وخاصة الإذاعة هو المساهمة في رفع الأميه الهجائية، وخاصة محو الأميه الثقافية والمهنية والحفاظ على التراث والثقافة الشعبية، والمساهمة في نفس الوقت في تحديث العقليات، وكذلك الاهتمام بالفنون المحلية وأشكال الإبداع التي تعتبر من المكونات الذاتية الثقافية لكل مجتمع إنساني

وعلى وسائل الإعلام أن تظهر العقبات الاجتماعية التي تقف حائلا أمام مخططات التنمية، وأهمها: الارتفاع الكبير في معدلات المواليد، التفسير الخاطئ لتعاليم الدين، انخفاض المستويات الصحية وارتفاع نسبة الأميين وتلوث البيئة...

: التنمية الاقتصادية: وذلك من خلال تعريف الجمهور بخطط التنمية وأهدافها محاولة بذلك تعبئته للمشاركة الفعالة، وتحفيزه على اتباع أنماط سلوك إنتاجية واستهلاكية جديدة ومراعاة العوامل التي تساعد على زيادة الإنتاج والإنتاجية في المجال الزراعي والصناعي وحتى في مجال الخدمات.

ويجب التركيز على القطاع الريفي والقروي على الخصوص من خلال توعية مواطنيه بواقعهم وحملهم على تحسين أوضاعهم المعيشي بإرشادهم في المجال الزراعي وتمكينه من الاستفادة من الوسائل الحديثة للإنتاج، وتدريبه على مهارات جديدة.

وعلى الإعلام هنا أن يهتم بعرض المشاكل والحلول الخاصة بعوائق التنمية الاقتصادية في المجتمع المحلي، فهناك قضايا الإسكان والمرافق، وإدخال مياه الشرب النقية والصرف الصحي، ومشاكل الزراعة، وكل ما يهم الفالح من معلومات وإرشادات عن البذور المنتقاة، والأسمدة الكيماوية المناسبة، ومشاكل الري والصرف، والثروات الحيوانية، ومكافحة الآفات...

الأسس العلمية الاختيار الوسيلة المناسبة الإعلام التنموي:

تحتل وسائل الإعلام مكانة هامة بين عناصر عملية الإعلام التنموي، وعلى هذا فإن التعرف على الوسيلة الإعلامية ومعرفة إمكاناتها وخصائصها واستخداماتها يعد أحد الجوانب الاستراتيجية التي تهم أي مسؤول عن الإعلام التنموي. فتحديد الوسيلة يفيد في معرفة التأثيرات التي سوف تحدثها في الجمهور واتجاهاته وسلوكياته، كما تفيد في معرفة التأثيرات الخاصة للوسائل على ما تنقله الرسائل، حيث تختلف طبيعة المعالجة للرسائل باختلاف الوسيلة المستخدمة.

وتختار وسيلة الإعلام في المجال التنموي في ضوء مجموعة من الاعتبارات

هي:

·  المناسبة للفكرة: تكون الفكرة المضمون الأساسي للرسالة الإعلامية التي اختارها القائم بالاتصال التنموي للتعبير عن أهدافه، وتأخذ عدة أشكال فقد تكون لفظية، أو يعبر عنها في شكل أفعال أو أشياء تحمل المعاني التي نقصدها للآخرين، وقد تستخدم لغة الإشارات المتمثلة في حركات الجسم، والألوان للتعبير عن المشاركة الوجدانية للآخرين، وقد يستخدم أكثر من شكل للتعبير عن الفكرة أو المعنى.

·  المناسبة للأهداف المتوقعة: تعتمد الأهداف على محتوى الرسالة الإعلامية، وتناثر إلى حد كبير بحاجات الجمهور المستقبل لهذه الرسالة، ويساعد تحديد الأهداف على اختيار الوسيلة المناسبة من ناحية وعلى تحديد ما سوف تسهم به هذه الوسيلة من خلال تنظيم وترتيب تقديم محتوى الرسالة لتحقيق الهدف المحدد.

·  قدرة الوسيلة على إشباع احتياجات الجمهور: يعد الجمهور عنصرا أساسيا للتخطيط الاختيار الوسائل، من خلال معرفة خصائصه الخاصة )الحجم والسن والتوزيع الجغرافي والمستوى الثقافي والتعليمي...( وكذلك خصائصه النفسية واتجاهاته وميوله وعاداته.

·  مناسبة وسيلة الإعلام للقدرات الاتصالية للقائم بالاتصال: فالإعلامي الذي يفتقد مهارات الاتصال الشخصي يكون من الأفضل له استخدام الوسائل المطبوعة أو المقروءة للاتصال بجمهوره، وبالعكس فالذي تتوافر فيه القدرات الإقطاعية يفضل له استخدام القنوات الإذاعية والتلفزيونية وينبغي لمسؤول الإعلام التنموي أن تتوافر لديه المهارة في استخدام اللغة اللفظية سواء كانت منطوقة أو مكتوبة، وأن يكون ملما برسالته عالما بكيفية تصميمها بطريقة تتناسب مع الوسيلة المستخدمة والجمهور المستقبل لها وذلك ليتمكن من استخدام الوسائل المناسبة استخداما فعال.


خاتمة:

مما سبق نخلص إلى أن الإعلام التنموي بخصائصه ومهامه ضرورة ملحة في عالم اليوم، ال تحتاجه الدول المتقدمة فحسب بل هو ضرورة ملحة للدول السائرة في طريق النمو من أجل النهوض بمجتمعاتها خاصة المحلية منها، لأن تنمية المجتمعات المحلية سيؤدي بالضرورة إلى التنمية الشاملة، من خلال إشراك كل فعاليات المجتمع من مواطنين، مجتمع مدني ومؤسسات محلية في خطط التنمية مدعمين طبعا بترسانة من وسائل الإعلام المناسبة لهذا الغرض.

المراجع

1.      إسماعيل قيرة، علي غربي، سوسيولوجية التنمية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 7110.

2.      سعاد جبر سعيد، سيكولوجية الاتصال الجماهيري، عالم الكتب الحديث، الاردن، ط 0، 7119.

3.  سعد لبيب، الإذاعة المحلية ودورها في التنمية الثقافية للمجتمع المحلي، مجلة الإذاعات العربية، اتحاد إذاعات الدول العربية بتونس، 0791.

4.      شاهيتاز طلعت، وسائل الإعلام والتنمية الاجتماعية، 0791.

5.  شون ماكبرايد وآخرون، أصوات متعددة وعالم واحد: الاتصال والمجتمع اليوم وغدا "تقرير اللجنة الدولية لدراسة مشكلات الاتصال، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر 0790.

6.    صالح أبو اصبع، دراسات في الاعلام والتنمية العربية، منشورات مؤسسة البيان، دبي 0797.

7.    عاطف الرفوع، الإعلام والتنمية الوطنية في الأردن ، عمان، ط 0، 7111.

8.  عاطف عدلي العبد، نهى عاطف العبد، الاعلام التنموي والتغير الاجتماعي، دار الفكر العربي، مصر، ط 1، 7112.

9.      عواطف عبد الرحمن، إشكالية الاعلام التنموي في الوطن العربي، دار الفكر العربي، القاهرة، د.ت.

10. فاروق أبو زيد، التحديات الإعلامية العربية: مقارنة بين عقدي الخمسينيات والثمانينيات، المستقبل العربي، العدد 079، أكتوبر 0797، بيروت: مركز الوحدة العربية.

11. فاروق خالد الحسنات، الاعلام والتنمية المعاصرة، دار أسامة للنشر والتوزيع، الأردن، ط0، 7100.

12. فرنسيس بال، وسائل الاعلام والدول النامية، ترجمة حسين العودات، سلسلة دراسات إعلامية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 0797.

13. محمد سعد ابراهيم: الصحافة والتنمية السياسية، دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع، القاهرة، 0779.

14. .محمد سيد محمد، الاعلام والتنمية، دار المعارف، القاهرة، 0727

الباحث

مدون عربي مهتم بكل ما يتعلق بالتكنولوجيا الحديثة ، مهتم ايضا بمجال تخصصي بالتعليم الوسائل الحديثة في التعليم ، بجانب الاهتمامات الجانبية بالتاريخ العلوم الحياتية

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال