الإرشاد السياحي : وجهة السياحة في مصر
![]() |
الإرشاد السياحي : وجهة السياحة في مصر |
المقدمـــة
على الرغم من أن المعاني التي تعطى والأهمية التي توكل للإرشاد السياحي وللدلالة السياحية يعطيان الانطباع من أننا نتعامل مع ظاهرة حديثة ومعاصرة فإن الحقيقة ليست كذلك. فإن الإرشاد السياحي لم يصل إلى ما وصل إليه الآن سواء بالمعنى أو بالأهمية إلا بعد مروره بجملة من الحقب التاريخية، تعود البعض منها إلى عصور قديمة جداً، والتي أكسبته ما له اليوم من أهمية بالغة في مجمل عملية الإنماء السياحي.
المبحث الأول – معنى الإرشـــــــاد السيـــــاحي
أن يرشد إنساناً إنساناً آخر، يعني
فيما يعني، الأخذ بيد الثاني نحو هدف معين والوصول إلى هذا الهدف بيسر وبدون مشاكل
وبأقل الكلف، سالكاً أسهل الطرق وأقصرها وموفراً له أثناء هذا الجهد ما يساعده على
بلوغ الهدف ويجعل العمل ممكناً ومقبولاً. ولابد للإرشاد أن يعني الدلالة التي
يقدمها شخص لشخص آخر، لمجموعة من الأشخاص، مصحوبة بالقيادة والتوجيه والضبط وبهدف
إيصالهم من منطقة إلى أخرى ومن خلال تنسيق حركتهم وحصر مسيرهم وتنظيم جهدهم وإدارة
مواردهم بالشكل الذي يضمن هذا الوصول بسهولة وبسلاسة وبأقل الكلف وأعلى الفوائد.
والدلالة – عمل الدليل – والإرشاد لابد أن يعني كذلك معرفة مسهبة وتفصيلية بالطريق
الذي تسلكه هذه المجموعة المتحركة من نقطة إلى أخرى، بمشاكله وصعوباته ومخاطره
بهدف تجنبها، والاطلاع على موارده والأماكن الآمنة فيه وتلك التي توفر حاجات
المسير – بهدف التوقف عندها والإفادة منها.
الإرشاد هنا يأخذ معناً آخر، خاصة في غابر الأزمان – عندما تحركت قوافل التجارة قاطعة مسافات بعيدة من الصحاري والبوادي والجبال والسهول، وهي تواجه الصعاب والعقبات وتتعرض للسراق وقطاع الطرق – حين كان من واجب الدليل أن يسبق القافلة لاستطلاع الطريق واستكشاف مكان الخطورة فيه، والتوجيه لتجنب وتفادي موقع غير أمين أو للوصول في وقت مناسب، لمكان معين. إن القائم بالدلالة هنا هو (كشاف) و(رائد) بمعنى التوجيه والقيادة من خلال معرفة الطريق وما يكتنفه من مشاكل ومصاعب ومخاطر أو ما يتوقعه منها من خلال خبرته وتجربته وممارسته. كان على الكشاف آنذاك معرفة الأماكن المناسبة للتوقف للراحة أو المبيت حيث تتوفر المياه (للإنسان والحيوان) وتساعد على الراحة، تمهيداً لمواصلة المسير.
المبحث الثاني – أهميــــة الإرشـــــاد السيـــــاحي
الحاجة إلى الإرشاد وتعيين الطريق
ومعاينته وتفحصه وكشف مسالكه، لابد أنها ظهرت مع بداية حاجة الإنسان إلى الترحال
والسفر للافتراق عن مجتمعات أصبحت غير مقبولة أو طاردة لسبب أو آخر بسبب النزاعات
والحروب والمنافسات أو لمجرد التغير والابتعاد عن المعتاد وبهدف المغامرة ولحب
المخاطرة. لابد أن الإرشاد صاحب مجاميع المقاتلين الأوائل الساعين نحو الكسب
والاحتلال وأوائل من تحرك للتجارة وتبادل السلع. ولابد أن مجاميع البشر القاصدين
لمراكز العبادة ومواطن الحج والزيارة والتبرك، صاحبها من قدم لها الدلالة والإرشاد
والتوجيه لضمان الوصول في مواعيد محددة وضمن توقيتات موسمية (دينية كانت أو
دنيوية)، ولضمان الوصول بسلام – أو على الأقل بأقل خسارة، على أيام الحج والتجارة
والكسب الأولى قبل آلاف السنين.
فكل من تحرك تاركاً مكاناً معيناً،
وساعياً لبلوغ مكان آخر، لابد أنه احتاج إلى (وتمكن من توفير) من يدله ويرشده أو
يستكشف الطريق له ويستطلع ما أمامه، ويساعده في بلوغ الهدف، ويؤشر له مناطق الخطر
ويقوده إلى مواطن الأمان خاصة حينما كان الترحال صعباً، والطريق وعراً، والتسهيلات
محددة إن لم تكن معدومة، والمخاطر كثيرة وجسيمة، آنذاك كان من يقدم الدلالة
والإرشاد لا يقدمها لوحدهما، بل لابد أنه قام بالحراسة والحماية وكان مسؤولاً عن
توفير مياه الشرب والطعام ليس فقط للإنسان المرتحل بل للحيوانات التي كان يصطحبها
معه ويعتمد بعضها في تنقله. لابد أنه كان خبيراً (إن صح التعبير) بشؤون الطقس
والمناخ والرياح واستعمال النجوم للدلالة والتوجيه، لا بد أنه كان ثاقب وحاد البصر
ومرهف السمع، وقوي البنية، وشديد المراس وقادراً على اجتياز الصحاري الواسعة
والبوادي الشاسعة، وعلى معالجة ما يطرأ من حالات غير محسوبة خلال الانتقال
والترحال.
منذ ذلك الوقت البعيد في القدم كان من
يقدم الاستطلاع المسبق والاستكشاف والدلالة والإرشاد والقيادة والحماية، يتمتع
بمواصفات وسمات ومؤهلات خاصة ومميزة جعلته قادراً على أن يدل ويرشد ويقود المجاميع
المرتحلة ليس بالبر فقط، بل في البحر كذلك، وليس على السهول فقط بل على الجبال وفي
الوديان، وسواء كانت المجاميع المصاحبة كبيرة أو صغيرة العدد، وبهدف اقتصادي أو
ديني أو عسكري أو حتى ترويحي – فقد عرفت كل شعوب العالم القديم أشكالاً، وإن كانت
بسيطة ومحدودة من الفعاليات التي دمجت الترويح الكسب والمعيشة وفي مقدمتها الصيد
بمختلف أنواعه – الطير أو السمك أو الحيوان.
إلا أن الأهمية الحقيقية للدليل قدر
تعلق الأمر بالسياحة و(بالدليل السياحي) لم تكن بالأهمية التي أوكلت للدليل
التجاري والمستطلع الحربي وللمستكشف العسكري أو المدني أو للأمير الديني، لأن
السياحة وإن كانت قد صاحبت معظم أنشطة الإنسان ومنذ القدم (بشكل محدد جداً وضيق
جداً وغير مباشر وغير مقصود)، فإنها لم تكن من الأهمية لحياة الإنسان ولا من
الضرورة لصحته العامة ولا هي حاجة أساسية ولا رغبة ملحة، مثلما أصبحت عليه في
يومنا هذا. وفعلياً لم يظهر مفهوم الدليل السياحي في بداياته البسيطة إلا بعد قيام
الثورة الصناعية، قبل قرنين تقريباً، وفعلياً مع ظهور بدايات السفر الجماعي المنظم
قبل قرن ونصف تقريباً.
إن أهمية هذا المفهوم للسياحة وتعلق
نجاح الرحلة السياحية بمن يمارسه لم تتبلور صدقاً وحقاً إلا قبل نصف قرن من
السنين، حينما طفت إلى سطح ظاهرة السفر والترحال – الرحلات الجماعية القليلة
الكلفة، حيث تحولت السياحة من نشاط للنخبة وللمتميزين والميسورين من الأثرياء (Tourism
of Elite) إلى سياحة الجماهير والطبقات الأقل ثراءً
واتسمت بالجماهيرية في اتساعها وانتشارها (Mass
Tourism) وفي تعدد مناطق قصدها وخاصة إلى بلدان بعيدة
وغريبة عن مواطن وعادات وتقاليد السائح الجديد.
المبحث الأول:
التسميـــة والمفهـــوم
الدليل السياحي:
هو أي شخص مؤهل ويحمل إما رخصة دليل سياحي صادرة عن جهة رسمية أو في أي منطقة لا
يوجد بها جهة منوط بها إصدار رخص أن يكون قد تلقى تدريب خاص يؤدي للحصول على مؤهل
له علاقة بالدلالة السياحية من أية جهة مؤهلة سواء محلياً أو إقليمياً أو عالمياً،
ويقوم بقيادة الزوار في تلك الدولة أو المنطقة بقصد تزويدهم بالمعلومات والشرح عن
مواضيع لها علاقة بالتاريخ والآثار والمعالم الحضارية وأعمال الفن والتطور الثقافي
والبيئة والأماكن ذات الاهتمام وعلى العموم أي موضوع يؤدي لتسويق الدولة سياحياً.
المبحث الثاني – صفـــــات الدليـــــل السيــــــاحي
يبدو وبسهولة ومن مراجعة ما حدد للدليل السياحي من واجبات ومهام ومسؤوليات من أنه لابد وأن يتمتع بمواصفات محددة وسمات مميزة سواء على المستوى الشخصي والفردي (صفات شخصية) أو على الصعيد العام (صفات عامة)، والتي من الممكن تحديدها كما يرد لاحقاً:-
أولاً: الصفـــــات الشخصيـــة
1-
حب الوطن والقناعة التامة بعظمة ماضيه
وإمكاناته الحالية ومستقبله المشرق.
2-
المظهر العام والشكل المقبول وأناقة
المظهر وبساطته.
3-
حضور البديهة والقدرة على السرعة في
التصرف.
4-
شخصية قوية قادرة على مواجهة المشاكل
وحلها.
5-
اللباقة وحسن التصرف والدبلوماسية
والكياسة.
6-
علاقات شخصية متينة مع العاملين في
مناطق القصد كرجال الجمارك والجوازات وغيرهم في نقاط الحدود وغيرها من المؤسسات
والمرافق ذات العلاقة.
7-
خريج دراسة أكاديمية أو دورة متخصصة في
الأقل تؤهله للعمل كدليل سياحي.
8-
قدرة قيادية وإمكانية توجيه الآخرين
وتحفيزهم نحو التنفيذ والالتزام.
9-
إمكانية الحسم وفض النزاعات والمشاكل.
10-عين
ثاقبة ومميزة ومدركة وعقل نبه وواعي ويقض وباستمرار.
11-قدرة جسدية ونفسية على تحمل المشاق والمطاولة والمواصلة في العمل رغم الجهد والإرهاق.
ثانياً: الصفــــات العامـــــة
1-
إجادة لغة أجنبية واحدة على الأقل.
2-
معرفة تامة بالقوانين والأنظمة، وخاصة
تلك ذات العلاقة بعمله في الترويح والسياحة والسفر السياحي المنظم.
3-
إلمامه بأصول التعامل والبروتوكول
وأصول المراسم.
4-
اطلاع وفهم للسلوك الإنساني وكيفية
التعامل والتفاعل مع الآخرين.
5-
إلمامه بالعديد من حقول المعرفة ذات
العلاقة مثل (التاريخ، الجغرافية، الآثار وغيرها) وكما سنحددها في المبحث اللاحق.
6-
سعة الثقافة تساعده على التعامل مع
الآخرين وخاصة الأجانب منهم.
7-
معرفة بعادات وتقاليد وقواعد سلوك
الشعوب وخاصة تلك التي يقدم منها السياح الوافدون بشكل مستمر من خلال الوكالة التي
يعمل معها.
8-
معرفة الأماكن المسموح زيارتها وتلك
غير المسموحة الزيارة لتجنب المشاكل.
9-
معرفة قوانين المرور.
10-معرفة
الأمور المالية والصيرفية، وبالذات المصارف وتبادل العملة والنقد.
11-معلومات
متكاملة عن البلد وخاصة مناطق الجذب الرئيسة والمتميزة وتفاصيل عن أنواع المنتوج
السياحي المتوفرة فيها.
12-معرفة
بالصحف المحلية والعربية والأجنبية (لغات أجنبية) المتوفرة في البلد (تصدر في
البلد أو ترد إليه).
13-دوائر
البريد والبرق والهاتف وعن خدماتها، وبالذات إلى خارج البلد.
14-قنوات
البث الإذاعي والتلفزيوني وخاصة تلك التي تبث بلغات أجنبية.
15-المعرفة
بالأحوال السياسية والاقتصادية التي يمر بها البلد آنياً.
16-معرفة بطرق ووسائل النقل الرئيسة في البلد أو منطقة القصد.
المبحث الثالث – الخلفيــــة الدراسيـــة والمهنية المطلوبة لتكوين الدليل السياحي
في ضوء ما حدد من أنواع وأصناف وسمات ومواصفات للدليل السياحي،
واستجابة للواجبات والمهام والمسؤوليات الموكلة إليه، ما هي الخلفية الدراسية
والمهنية الضرورية والمطلوبة لتعليم وتكوين وتهيئة دليل سياحي متمكن من تنفيذ دورة
في الرحلة السياحية المنظمة وملء ما يحدّد له من مجال عمل في مجمل السفر السياحي
المنظم؟
بعد أن حددنا الواجبات العملياتية بشكل مفصل وواضح وبعد أن
اطلعنا على المهام والمسؤوليات الفصل السادس أصبح من الممكن الآن – وخاصة بعد أن
ثبتنا في المبحثين الأول والثاني من هذا الفصل الأنواع والصفات، يصبح من الممكن
الآن وضع إجابة للسؤال المطروح وذلك من خلال تحديد العلوم والمعارف التي تكون
خلفية مناسبة للدليل السياحي – خلفية وأساس يستطيع أن يبني عليه ويضيف له من خلال
مناهج تدريبية مهنية سواء كانت على شكل دورات منفصلة (ممكن أن تتم خلال فترات كساد
الطلب) أو برامج تطويرية خلال وقت العمل العالي (On Job – Training) وخلال أوقات
التوقف ما بين رحلة وأخرى.
إن المطلوب ليس فقط دراسة أكاديمية،
رغم أهميتها في تكوين الدليل، بل تدريب وتعلم مستمر وخلال العمل (التعلم من العمل)
سواء بدورات منظمة أو بجهد شخصي. ولأن الوصول إلى الحالة المثلى صعب وصعب جداً،
فهنالك تحدي كبير أمام الدليل وعليه مواجهته، لأن التغلب عليه سيجعله أكثر قدرة
وأفضل وتؤدي إلى رضا النفس ورضا الآخرين.
بناءاً على ما تقدم سنضع لاحقاً المناهج الدراسية التي لابد له أن يكون قد درسها، ليس بالضرورة كلها لكن كلما كانت الدراسة أوسع كلما كانت نتيجة التكوين والتأهيل أفضل.
أولاً: التعلم
السياحي وعلومــــه الأساسية
1- صناعة الضيافة والترويح والسياحة.
2- اقتصاديات السياحة وخاصة ما يتعلق بالطلب السياحي.
3- العروض السياحية المكونة للمنتوج السياحي.
4- أهمية ودور وضرورة الدليل السياحي في تكوين المنتوج
السياحي.
5- العلاقات القانونية والتشريعات والتنظيمات المهنية في
صناعة الضيافة.
6- الجغرافيا السياحية عالمياً وإقليمياً وبشكل خاص محلياً.
7- مبادئ وأساسيات الإرشاد والدلالة والتوضيح وتطبيقاتها
العملية.
8- مدخل إلى إدارة منشآت الإيواء.
ثانياً: العلوم العامة
1- اللغات أولاً وخاصة معرفة عملية باللغات الأكثر أهمية
قدر تعلق الأمر بنوع السياحة الوافدة. يجب أن تكون له على الأقل معرفة عملية بلغة
واحدة.
2- الآثار والتراث والتاريخ والحضارة، للبلد بشكل عام
ولمناطق القصد الرئيسة فيه.
3- دراسات البيئة الطبيعية والبشرية وسبل حمايتها وصيانتها.
4- إدارة الأعمال والتنظيم الإداري.
5- جغرافية النقل وسبل ووسائط النقل والتنقل الداخلي المتوفرة في بلد ومنطقة القصد.
ثالثاً: العلوم والمهارات السلوكية
1- علم النفس وعلم الاجتماع وعلم النفس السلوكي وعلم النفس
الاجتماعي.
2- مبادئ سلوك السائح – كمشتري وكزبون.
3- أسس ومهارات القيادة والتنظيم للأفراد والمجاميع.
4- الحاجات الإنسانية وأهمية السفر في إشباعها.
5- العلاقات العامة والاتصالات.
وهنا لابد من
الإشارة إلى وجود حاجة ماسة لدى الدليل لمعرفة أسس ومبادئ وسبل إيصال المعلومات،
والتعامل مع الجمهور والرأي العام خاصة المؤثر في السياحة، والعلاقات العامة وسبل
ممارستها وبالذات في منظمة الأعمال السياحية. كذلك لابد للدليل من معرفة عملية
جيدة في فن الاتصال وأسسه وسبل ممارسته وخاصة في صناعة الضيافة ومؤسسات السفر
ومنظمات وهيئات الأعمال السياحية. ولأهمية هذه المواضيع فقد خصص القسم الثالث من
الكتاب لدراستها والإفادة منها بشكل مفصل في عمل الدليل.
6- دراسة حقوق وواجبات مقدمي الخدمة السياحية، السياح والسكان المحليين في مناطق القصد السياحي كما أقرته المؤتمرات المنظمة العالمية للسياحة حتى يتمكن من إرشاد السياح بالذات إلى حقوقهم وواجباتهم تجاه مضيفيهم في البيئات المستقبلة، وحقوق وواجبات السكان المستقبلين وأخيراً حقوقه وواجباته هو. ولأهمية الموضوع فقد خصصنا له الفصل الثاني عشر ضمن القسم الرابع الخاص بالمعلومات والمهارات والأدوات الإرشادية.
رابعاً: العلوم التطبيقية والتكنولوجية
1- معرفة عملية جيدة بالحاسوب الإلكتروني وقدرة على
استعماله.
2- تطبيقات عملية – موقعية في استخدام الوسائل السمعية
والبصرية في الإرشاد والتوضيح.
3- مبادئ تصاميم المعارض التوضيحية وغيرها من وسائل وسبل
العمل التوضيحي – التفسيري في أعمال المنشأة السياحية وبالذات العاملة في السفر
المنظم واستقبال وإرشاد السياح وغيرهم من الزوار (الفصل السابع عشر).
4- تطبيقات وتمارين ودورات عملية في الاستقبال السياحي،
الإرشاد، قيادة المجاميع، التوضيح والتفسير وغيرها من المهارات وسواء تمت
التطبيقات خلال الدراسة أو بعدها أو خلال ممارسة العمل الإرشادي فعلياً لدى هيئة
رسمية للسياحة أو لدى وكالة سفر أو مع مؤسسة إنتاج الرحلات السياحية.
5- دراية ومعرفة بالوثائق والبيانات التي يحتاجها في عمله
وقدرة على استعمالها بالشكل الصحيح، وهذا سيتم تغطيته في الفصل الثالث عشر.
6- قدرة ودراية في أساليب الشروحات والتفسير والتعليق الذي لابد له من ممارسته حين القيام بواجب الإرشاد والدلالة لمرافقيه من المجاميع السياحية وقد أفردنا فصلاً متخصصاً لهذا الموضوع (الفصل الرابع عشر).
خامساً: الحاجات التخصصية
هنالك دائماً حاجة للتخصص في إحدى
جوانب العمل الإرشادي، وكذلك مطلوب دراسة إضافية ومعرفة جديدة لاستكمال المواصفات
المعلوماتية المطلوبة للنجاح في العمل الإرشادي التخصصي في مجال معين ومحدد.
1- الدلالة والإرشاد والتوضيح حين التعامل مع الموارد
الطبيعية ومكونات البيئة الطبيعية، حيث يحتاج الدليل إلى معرفة ودراسة – حتى ولو
محدودة بالموارد الطبيعية: كالغابات، المياه، الجبال، الحيوانات والنباتات وحسب
منطقة القصد التي يعمل فيها والموارد التي يتعامل معها. لابد من التأكيد على
معرفته بسبل صيانة وحماية البيئة الطبيعية كي يتمكن من توضيح أهميتها ويؤكد على
سبل حمايتها والمحافظة على ما موجود فيها في منطقة القصد لمن يزورها من السياح
الوافدين.
2- حين يتعامل مع البيئة والتراث البشري من مواقع آثارية
وحضارية وتاريخية، عليه دراسة ومعرفة متخصصة في هذا المجال وكذلك سبل حماية وصيانة
هذه الموارد البشرية وغرس روح تقديرها واحترامها في نفوس السياح كتراث بشري في
منطقة القصد ولسكانها المحليين. لابد من إشارة خاصة إلى ضرورة معرفته التفصيلية
بالعمل الإرشادي وطرقه المتخصصة في المتاحف وغيرها من حالات العرض الخاص بالتراث
والتاريخ ومراكز الفنون المعارض.
3- معرفة بالنتاجات الفلكلورية والصناعات الشعبية
والتقليدية والمراكز الحرفية المتخصصة بالنحث والزخرفة والرسم والموسيقى والفنون
الشعبية الأصيلة، وذلك حتى يسعى للتخصص في الجوانب الشعبية والفلكلورية في منطقة
القصد.وعند رغبته في التعمق بالعروض السياحية التكميلية من منشآت ومرافق وتسهيلات،
عليه معرفة مناطق القصد السياحي الرئيسية وتفاصيل مكونات العروض والمنتوج السياحي،
وأنواع ما متوفر منه، والنشاطات والفعاليات المتوفرة للسياح في مناطق القصد.
4- الدلالة في المواقع الرئيسية لمؤتمرات الأعمال وسياحة رجال الأعمال، والسبل التخصصية في الإرشاد والدلالة في هكذا مؤتمرات ولقاءات ومنها المعارض الصناعية والزراعية والتجارية وما أضحى يسمى بسياحة المعارض.
المبحـث الثانــــــي: مسؤوليــــــات الدليـــــــل
الدليل هو الشخص الأخير في سلسلة الأشخاص العاملين على تكوين وعرض وبيع وتنفيذ المنتوج السياحي (السفر السياحي المنظم والرحلة السياحية) وهو الشخص الأكثر احتكاكاً وتماساً وتفاعلاً مع المستفيدين من هذا المنتوج (السياح) وهو الأكثر مباشرة في هذا التعامل، حيث يكون تماسه معهم وجهاً لوجه (Face to Face) فهو المقدم والمجهز الأخير والمباشر للمنتوج السياحي لمستهلكيه من السياح وعلى هذا الأساس تقع عليه عدة مسؤوليات في جعل هذا المنتوج يحقق لمستهلكيه ما جاؤوا للحصول عليه (وهم فعلياً يحضرون إلى حيث يكون المنتوج، ولا ينتقل المنتوج لهم) وعليه تقع كذلك مسؤولية تجاه الوكالة التي يعمل فيها، ومنطقة القصد / البلد الذي تنفذ فيه الزيارة، وفوق هذا فإن له عليه مسؤوليات كذلك – المسؤولية تجاه الذات.
أولاً: المسؤوليـــــة تجـــــاه المجموعــــة السياحيـــة الوافـــــــدة
وفي هذا الصدد عليه مساعدة أفراد
المجموعة وتوفير كل ما يلزم لتحقيق الغايات والأهداف التي اشتروا الرحلة السياحية
من اجلها وإشباع الحاجات المرتبطة بأخذ الإجازة والعطلة. إن الاستجمام هو الجزء
الأكثر أهمية للسياح من كل الرحلة السياحية والمكونة من النقل والإيواء والاستجمام
وهم يسعون إلى ملء وقت الفراغ (المتوفر لهم حين تمتعهم بعطلتهم) بالمتعة والمسرة
والمشاهدة والاطلاع، والثقافة والتعلم. إن السياح عند شرائهم لرحلة سياحية منظمة
ورغم أنهم يدفعون جزء من الكلفة تجاه النقل والإيواء، فإنهم فعلياً يسعون خلف
المتعة والبهجة والسرور وذلك من خلال ملء فقرة ومدة الاستجمام في موقع أو منطقة
القصد بالفعاليات والنشاطات الدافعة نحو المتعة والمحفزة لمشاعر السرور والبهجة
والمشبعة للحاجات الإنسانية المشروعة لديهم.
فعلى الدليل إذن أن يحرص على توفير أفضل الخدمات وأرقى الفعاليات وتقديم أحسن الإرشادات وتحفيز العلاقات الصحيحة والصادقة، وأن يتعاون ويساعد ويسعى باستمرار لتوفير هذا الهدف المركزي للرحلة والعطلة السياحية (الاستمتاع والاستجمام) وكما سنرى لاحقاً فإن الاستمتاع والاستجمام سيؤديان إلى نجاح الدليل على تحقيق بقية مسؤولياته.
ثانياً: مسؤوليـاتـــــه تجــــاه الوكالـــــة المستقبلـــــة للمجموعــــــة
وممكن أن يطلق عل هذه المسؤولية (المسؤولية التجارية)، وتتلخص في كون الدليل يمثل في عين السائح كل الجهات التي تعاقد واشترى منها الرحلة السياحية وفي مقدمتها تلك الوكالة التي نظمت وأنتجت وباعت له الرحلة الإجمالية في بلد إقامته الدائم، والتي من غير الممكن أن تتواجد معه في بلد / منطقة القصد، وهي حقيقة غير مسؤولة عن حسن التنفيذ في منطقة القصد. وهو يمثل كذلك الوكالة المستقبلة للمجموعة والمسؤولة (بموجب عقد بينها وبين الوكالة المنظمة) عن التنفيذ الفعلي لبرنامج الرحلة في منطقة القصد. لقد أوكلت إليه الوكالة المنظمة للرحلة (وبشكل غير مباشر ومن خلال العقد) وفي الوقت ذاته ألقت على عاتقه الوكالة المنفذة للرحلة فعلياً وبشكل مباشر وصريح، مسؤولية تحقيق أهدافها التجارية والمتمثلة بشكل أساسي بكسب أفراد المجموعة (السياح) للوكالتين وللمنتوج الذي تقومان بتقديمه خلال الرحلة، سلعة كان هذا المنتوج أم خدمة أم كليهما. عليه تقع مسؤولية عكس صورة إيجابية عن الوكالة وعن المنتوج ومن ثم إقناع السائح بجدوى الرحلة، وأنه قد حصل فعلياً (ما يقابل المال الذي أنفقه) على ما كان يبغيه من متعة ومسرة واستجمام، بل وممكن أكثر مما كان يتوقعه، وعليه كذلك أن يعمل ليخلق لدى السائح القناعة بأن يعاود التعامل مع الوكالة في إجازته ورحلته القادمة وأن يكرر شراء منتجاتها، وأن يحث عليه غيره من معارفه مستقبلاً.
ثالثاً: المسؤوليـــــة الوطنيـــــة والقوميــــــة
وهنا لابد أن نتحدث عن نوعين من
المسؤولية، أو لهما مباشرة وحتى ممكن أن تكون شخصية وترتبط بمشاعره وأحاسيسه تجاه
الوطن والأمة: أن ينقل صورة إيجابية ومشرقة وحقيقية عن الوطن وأن يكون مسؤولاً عن
عكس الصورة الجيدة للبلد وقيمه وتقاليده وتراثه، وهذه كلها ترتبط بسلوكه الشخصي
وتعامله المباشر مع أفراد الرحلة وبأسلوب تعامله معهم والمعلومات والإيضاحات التي
يوفرها والخدمات والتسهيلات التي يقدمها لهم.
أما المسؤولية الثانية تجاه الوطن والأمة فهي مسؤولية ليست مباشرة، ويتعاون الدليل فيها مع العديد من الأشخاص والجهات والمؤسسات: أن يساهم الدليل في تحقيق أهداف التنمية السياحية على مستوى المنطقة، والإقليم والقطر والأمة. إن خطط التنمية القومية بشكل عام وتلك المرتبطة بالإنماء السياحي بشكل خاص تسعى إلى تحقيق جملة من الأهداف تقع في مقدمتها ما يأتي:
1- زيادة عدد السياح الوافدين إلى منطقة / بلد القصد.
2- إطالة مدة إقامتهم فيها.
3- زيادة إنفاقهم خلال مدة الإقامة.
4- إقناعهم بالعودة إلى المنطقة مستقبلاً وجلب غيرهم معهم.
وكل هذه الأهداف هي أهداف فرعية تصب في هدف أكبر هو تعظيم المردود المالي المتحقق من الحركة السياحية لمنطقة القصد وزيادة الفوائد الاقتصادية التي تجنيها. ويقدر ما قد تكون بداية تحقيق هذه الأهداف خارج أثر وتأثير الدليل، وتقع ضمن حلقة الترويج الذي تطرحه برامج التنمية السياحية في مراحلها الأولى، إن إقناع أوائل القادمين من السياح بالعودة ثانيةً للمنطقة وجلب آخرين معهم ستكون قطعاً من مسؤولية الدليل وتقع ضمن دائرة تأثيره، وبذلك يساهم في زيادة عدد الوافدين منهم في المراحل اللاحقة لبرامج الإنماء السياحي لمنطقة أو بلد ما. ورغم أن برامج الرحلات السياحية المنظمة تحدد مددها مسبقاً، فإنه ليس بالغريب أن تُمدّد مدة إقامة مجموعة سياحية كانعكاس ونتيجة لسلوك دليل سياحي خاصة أن كانت الخدمات والتسهيلات الفندقية متوافرة للمدة اللاحقة. إلا أن هذا الأثر يظهر بشكل جلي عندما تتكرر برامج معينة منظمة من قبل وكالة معينة إلى منطقة قصد محددة، ومن خلال وكالة مستقبلة، وتتزايد مدة مكوثها في المنطقة بمرور الوقت وبتكرار الزيارة.
رابعاً: المسؤوليــــــة الفرديــــــــة والشخصيـــــــة
وهذه المسؤولية تتمثل في النتيجة
النهاية لعمله وجهده وكل ما يقوم به من فعل وعمل: إنجاح برامج الرحلة بكل تفاصيله.
إن الوصول إلى هذه النتيجة لا بد أن يعني الكثير للدليل على المستوى المهني
والأخلاقي والوطني وبما يؤدي إليه من مردود شخصي سواء كان مالياً أو معنوياً أو
كليهما. فبعد أن كان مسؤولاً أمام الوكالة والسائح والوطن، هو الآن مسؤول أمام
نفسه، واضعاً أمانته المهنية وإخلاصه لمهنته نصب عينه وهادفاً وساعياً إلى إيفاء
ذاته كرامتها واحترامها من خلال التفاني في العمل، والصدق في التعامل، والإخلاص
لمهنته والاهتمام بسمعته المهنية والشخصية.
أنه في سعيه لتحقيق طموحات ورغبات
أفراد المجموعة وإرضاء حاجاتهم المشروعة وإشباعها خلال مدة وبرامج وفعاليات
الاستجمام سيحقق مصلحة الوكالة سواء كانت الوكالة المنظمة أو الوكالة المنفذة
للبرنامج وللرحلة ومصلحة منطقة القصد ومصلحة الوطن، لكنه في الأخير سيحقق مصالحه
الشخصية موضوعية وذاتية. فهو سيرضي طموحه في الوصول إلى تنفذ جيد لواجباته
وبالوصول بها التنفيذ إلى مستويات عالية من التميز والجودة. كذلك سيكسب رضا
وامتنان من يصاحبهم من السياح، والذين كثيراً ما يعبرون عن الامتنان والرضا
بأساليب وطرق معنوية وأكثر بأساليب مادية بتقديم المكافأة والهدية عربوناً
للاعتزاز والشكر والتقدير لجهوده. ويمكن له أن يحصل على المكافأة المادية من
الوكالة التي يعمل معها في بلد القصد، وحتى من الوكالة المنظمة في بلد انطلاق
المجموعة (بلد الإقامة الدائمة)، حينما يعود مرافق الرحلة أو قائدها أو مديرها
ويبلغ تلك الوكالة، من خلال تقريره الختامي عن الرحلة، بتميز جهود دليلهم في منطقة
القصد وبما حققه من مصالح تهم الوكالة وتصب في تطور سمعتها مع السياح في ذلك البلد
وزيادة حجم مبيعاتها.
أخيراً لابد أن نشير إلى أن المكافأة والهدية التي يحصل عليها الدليل الجيد من السياح ومن الوكالة – حينما يقوم بمسؤوليته الشخصية وبقية المسؤوليات المشار لها بشكل متميز – ممكن أن يشكل مصدر دخل شخصي إضافي كبير ومهم ويعوضه زمن كساد الطلب وقلة دخله الشخصي آنذاك.
المبحث الثالـــــث: مهـــــــــام الدليــــــــل
وهنا كذلك تتعدد المهام الملقاة على عاتق الدليل السياحي والتي لابد له أن يقوم بها ويتحمل إنجازها بهمة ورغبة وبأمانة واستقامة مهنية حتى يستطيع أن يفي ما هو مطلوب منه للمجموعة السياحية وللوكالة التي يعمل فيها وللوطن الذي ينتمي إليه ومن ثم لنفسه وللعائلة
أولاً: المهمـــــة الفنيـــــــة
إن السائح المشارك في رحلة سياحية منظمة، يبقى ومن اللحظة الأولى لبدأ برامج تلك الرحلة، مترقباً ومتلهفاً للاطلاع على ما ستقدمه الوكالة المستقبلة من خدمات، وقلقاً عن مدى تطابق الخدمات المقدمة فعلياً مع تلك التي كانت قد وعد بالحصول عليها عندما اشترى الرحلة من الشركة المنظمة. إن التأكيد على تطابق الخدمات بين ما هو موعود وموجود هي من مهام المرافق السياحي الذي حضر مع المجموعة من بلد الانطلاق والذي يمثل الشركة المنظمة، لكنه كذلك من مهام الدليل الذي يمثل الشركة المنفذة للبرنامج، فهو الأقدر على التصدي للاختلاف بين المفروض والمعروض من الخدمات والأجدر بالتدخل للتصحيح الحال، لأن هذه الاختلافات تؤثر سلبياً على الشركة المنفذة أولاً ثم الشركة المنظمة واللتان لهما عليه حق كبير
يقع عل عاتق الدليل من خلال المهمة الفنية أكثر من واجب واحد إلا أن جوهر المهمة الفنية هذه، هو تطابق الخدمات المقدمة فعلياً للسائح ضمن البرامج المنفذة في منطقة القصد مع تلك (المباعة) له أصلاً في منطقة الإقامة الدائمة، وعلى الدليل أن يتعاون مع قائد المجموعة على تأمين التطابق بين المقدمة والمباعة من الخدمات إلى أقصى حد ممكن. إن هذا يعني فيما يعني عدم إلغاء أي جزء من البرنامج دون تعويضه بشيء آخر، وعدم تأجيل أي فترة دون تنفيذها لاحقاً وبشكل أفضل، وعدم حذف أي جزء (خدمة كان أو سلعة) إلا بعد توضيح الحال والسبب لأفراد المجموعة، وبعد توفير الأجواء المشجعة لقبول الحذف أو التغيير وذلك من خلال فعاليات إضافية مجانية مثل، حفل غير مدرج في البرنامج، رحلة إضافية، زيارة ترويحية أو نزهة مفاجئة أو غيرها من الإجراءات. ويمكن في هذا الصدد التنسيق مع المرافق ومع مقر الوكالة التي يعمل معها لإيجاد أفضل البدائل وتقديم أحسن التعويضات في حالة ضرورة إجراء أي تغيير أو حذف
ثانياً: المهمـــــة الثقـافيـــــــة و الحضاريــــــــة
وهي مهمة ترتبط بقدرة الدليل على تحقيق
رغبة أفراد المجموعة في الاطلاع على ثقافة وحضارة البلد المضيف، وهو في الوقت ذاته
يخدم وطنه بجعل حضارته وتراثه معروفاً وواضحاً لدى السائح الزائر، وهو بهذا يحقق
إحدى المسؤوليات المشار إليها في المبحث السابق. ولكي يقوم بهذه المهمة بشكل مرضي
ومقبول عليه معرفة اهتمامات ورغبات المجموعة والعمل الجاد على الإيفاء بها وذلك من
خلال مطابقة الرغبات والاهتمامات (والتي سيتعرف عليها من خلال لائحة المعلومات
الديمغرافية) مع البرامج والنشاطات وعلى أكبر قدر ممكن من الدقة.
وهنا لابد له أن يتذكر أن أهمية حاضر بلده وتطوراته المعاصرة يجب أن تأخذ من وقته وشروحاته قدراً من الوقت ليس أقل – إن لم تكن أكثر – من الماضي والتراث، ويجد من الفرص ما يساعده على الحديث عن الماضي والحاضر، الأصالة والمعاصرة، والتراث والحداثة بنفس القدر من الاهتمام والحرص
ثالثاً: المهمــــة التعليميــــة والتثقيفيــــة
وهذه مهمة يجد الكثير من الأدلاء صعوبة في تنفيذها، ويخلطها آخرون بالمهام الحضارية والثقافية. إن هذه المهمة تنصب على جعل الزائر يتعلم عن البلد بدون أن ينتبه لذلك، وبدون أن يقاومه، على أساس أنه في زمن استجمام ونزهة وراحة وليس في وقت تعلم، أي أن يتعلم ويتثقف على الرغم عنه، إن صح التعبير. أن الدليل بحكم مهنيته وتخصصه يمتلك الكثير من المعلومات بينما المشاركون بمستويات مختلفة من التعلم والثقافة أصلاً، فعليه إذن أن يختار المناسب من المواضيع ومن الوسائل والسبل لإيصال المعلومة بسهولة ويسر إلى ذهن السائح، آخذاً بنظر الاعتبار أمرين: الأول أن ينظر بمنظار السائح ويضع نفسه مكانه وأن يسعى إلى إثارة اهتمامه بصدق وحماس وأمانة. والأمر الثاني أن لا يزيد ولا يطيل من شروحاته وتوضيحاته إلا بالقدر الذي يجده ضروريا ومناسباً وعليه أن يكون حذراً من الإطالة لكي لا يتسبب في رد فعل معاكس، عندما يحس السائح بأنه يجبر على سماع أو مشاهدة شيء لم يرغب به أصلاً، أو أن وقته بصرف – بعد أن كان ماله قد صرف – مقابل دعاية أو ترويج للبلد، وليس في رعايته وفي توفير ما يحتاجه من خدمات .