تحديات الذكاء الاصطناعي
في الإعلام
المقدمة
يمثل الذكاء الاصطناعي أهم مخرجات الثورة الصناعية الرابعة لتعدد استخداماته في المجالات العسكرية والصناعية والاقتصادية والتقنية والتطبيقات الطبية والتعليمية والخدمية... ، ويتوقع له أن يفتح الباب لابتكارات لا حدود لها وأن يؤدي إلى مزيد من الثورات الصناعية بما يحدث تغييرا جذريا في حياة الانسان ، إذ مع التطور التكنولوجي الهائل والمتسارع وما يشهده العالم من تحولات في ظل الثورة الصناعية الرابعة سيكون الذكاء الصناعي محرك التقدم والنمو والازدهار خلال السنوات القليلة القادمة ، وبامكانه وما يستتبعة من ابتكارات أن يؤسس لعالم جديد قد يبدو الآن من دروب الخيال ، ولكن البوادر الحالية تؤكد على أن خلق هذا العالم بات قريبا وقد اعتادت دولة الإمارات العربية المتحدة عدم انتظار المستقبل ، بل الدخول إليه والتنافس على تقنياته واستباق تحدياته ووضع الحلول الناجحة لها، وهذا ما يفسر توجه الدولة الحثيث نحو الاستثمار في تفعيل تقنيات الجيل الرابع من الثورة الصناعية وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهدافها التنموية الطموحة باعتباره لغة المستقبل التي لا محيد عن إدراك أبجدياتها والقضاء على أميته .
أهمية الموضوع :
وينبغي الاعتراف أن الاعلام التقليدي يواجه تحدياً حقيقياً في عصر التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، ويتمثل المستقبل في مدى قدرته على مواكبة التغيرات آنفة الذكر، والتركيز على تطوير الإعلام وفقاً لكلمتين مفصليتين هما (التغيير والصدق). وعلينا ان نقر منذ البداية ان قوة وسيلة الإعلام يحددها اليوم قوة جذب المحتوى الإعلامي والإعلاني الذي تقدمه، وسرعتها في الانتشار والتأثير، وهو الأمر الذي سيستمر مستقبلا، لكن بوجود وسائل إعلامية ذكية متطورة لنشر الخبر والإعلانات تراعي رغبات وميول المرسل والمتلقي في نفس الوقت اعتمادا على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
المبحث الأول : الذكاء الاصطناعي
المطلب الأول : ماهية الذكاء الإصطناعي

لمعرفة ماهية الذكاء الاصطناعي يتعين أولا تحديد المقصود بالذكاء الانساني ، فهو الذي يرتبط بالقدرات العقلية مثل القدرة على التكيف مع ظروف الحياة والاستفادة من التجارب والخبرات السابقة والتفكير والتحليل والتخطيط وحل المشاكل والاستنتاج السليم والاحساس بالآخرين ، بالإضافة إلى سرعة التعلم واستخدام ما تم تعلمه بالشكل السليم والمفيد.
أما الذكاء الاصطناعي فهو محاكاة لذكاء الانسان وفهم طبيعته عن طريق عمل برامج للحاسب الآلي قادرة على محاكاة السلوك الانساني المتسم بالذكاء ، ويوجد الذكاء الاصطناعي حاليا في كل مكان حولنا، بداية من السيارات ذاتية القيادة والطائرات المسيرة بدون طيار وبرمجيات الترجمة أو الاستثمار وغيرها الكثير من التطبيقات المنتشرة في الحياه... .
المطلب الثاني : تطبيقات الذكاء الاصطناعي
يستخدم الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات العسكرية والصناعية والاقتصادية والتقنية والطبية والتعليمية والخدمية الأخرى ... و من بين أهم تطبيقاته ما يلي :
- السيارات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار.
- الانسان الآلي الروبوت وهو جهاز ميكانيكي مبرمج للعمل مستقلا عن السيطرة البشرية ، ومصمم لأداء الأعمال وانجاز المهارات الحركية واللفظية التي يقوم بها الإنسان ، فضلا عن استخداماته الأخرى المتعددة بالمفاعلات النووية وتمديد الأسلاك وإصلاح التمديدات السلكية التحت أرضية واكتشاف الألغام وصناعة السيارات وغيرها من المجالات الدقيقة... .
- التحكم اللاخطي كالتحكم بالسكك الحديدية
- المحاكاة المعرفية باستخدام أجهزة الكمبيوتر لاختبار النظريات حول كيفية عمل العقل البشري والوظائف التي يقوم بها كالتعرف على الوجوه المألوفة والأصوات أو التعرف على خط اليد ومعالجة الصور واستخلاص البيانات والمعلومات المفيدة منها وتفعيل الذاكرة.
- برامج الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الاقتصادية كالبورصة وتطوير أنظمة تداول الأسهم
- برامج الألعاب كألعاب الشطرنج وألعاب الفيديو.
- عناقيد جوجل البحثية على جهاز الحاسوب عبر الإنترنت.
- المنظومة الإعلامية المتطورة باستخدام الذكاء الاصطناعي من مجلات الكترونية وصحف واخبار ذات طابع الكتروني .
- الأنظمة الخبيرة التي تستطيع آداء مهام بطريقة تشبه طريقة الخبراء وتساعدهم على اتخاذ قراراتهم بدقة اعتمادا على جملة من العمليات المنطقية للتوصل إلى قرار صحيح أو جملة من الخيارات المنطقية ، ويعد هذا أكثر وأهم اهتمامات الذكاء الاصطناعي في الحاضر والمستقبل.
- خدمات المنازل الذكية ، والأسلحة ذاتية العمل ، والهواتف الذكية ، وأجهزة التلفاز الذكية ، ومئات التطبيقات الأخرى... .
المبحث الثاني : الذكاء الاصطناعي في الاعلام
المبحث الأول : التعليم الإعلامي في المستقبل

أصبح تعليم الإعلام في الوقت الراهن مطالباً بإعداد وتخريج نوعية متميزة من الخريجين الذين تتوافر فيهم القدرة على التعليم والتدريب باستمرار؛ حيث أصبحت هناك فجوة بين أقسام الإعلام والمؤسسات الإعلامية؛ فهناك فجوة لعدم وجود آليات استراتيجية تحكم التعاون بين جميع الأطراف المشاركة في العمل الإعلامي.
ولا يتحقق ذلك إلا في ظل توافر نظام أكاديمي تتوافر فيه متطلبات الجودة الشاملة في العملية التعليمية؛ مما يتطلب إعادة النظر دوماً في منظومة تعليم الإعلام بكافة جوانبه ومضامينه، وفق التطورات التكنولوجية والتقنية المتسارعة في ثورة المعلومات ووسائل الإعلام والاتصال.
ويعد محور التعليم الإعلامي في المستقبل أحد المحاور التي تضمنها النقاش حول مستقبل ، الإعلام في منتدى أسبار الدولي لعام 2019 انطلاقاً من أن التكنولوجيا مهما بلغت من تقدم لن تصنع الإعلام المتميز، حيث ستبقى هناك حاجة دائمة إلى تكوين كوادر إعلامية تستطيع أن تخدم الوطن بخصوصيته، كما أنه يبدو ضرورياً للتعليم الإعلامي أن يوازن بين الجانبين النظري والتطبيقي.
المطلب الثاني : الروبوت الاعلامي :
يثار اليوم في المحافل الإعلامية والأكاديمية جدل واسع حول دور الروبوتات من أنها يمكن أن تلغي دور الأنسان، ويرى أخرون أن هذه الروبوتات والتقنيات لن تؤثر على عمل الانسان بل تزيد من جودة الاعمال والمنتجات، وبدأت استخدام الخوارزميات والأتممة يزداد في إنتاج الأخبار حيث أدخلت عدد من المؤسسات الصحفية الغربية مثل و(كالة بلو مبرج) و(رويترز) ما يطلق عليه بالروبوت الصحفي أو الآلي الذي يتوقع ان يكون بديلا في المستقبل للصحفي العادي خصوصا في مجال الأخبار. و(صحافة الروبوت) التي تعرف أكاديميا بأنها (عملية الكتابة بشكل آلي كامل للقصص الإخبارية المركبة الكاملة من دون أي تدخل بشرى). أن قصة صحافة الروبوت، أو الصحافة المستعينة بأنظمة الذكاء الاصطناعي التي بدأت عام 2010 عندما ابتكر معهد معلوماتيات الأنظمة الذكية بجامعة طوكيو روبوت صحافيا يستطيع بشكل آلي اكتشاف البيئة المحيطة به، ويكتب تقريرا عما وجده، كما انه يفتش عن الأشياء المتغيرة حوله، ويقرر ما إذا كانت ذات قيمة، ثم يلتقط صورا بكاميرته المدمجة داخله، ويمكن أن يسأل الناس بالقرب منه، ويستعمل محركات بحث الإنترنت.
لكن هناك أربع حالات حديثة في توظيف أنظمة الذكاء الاصطناعي في العمل الصحافي والإخباري تستحق الإشارة وتأمل تجربتها: الحالة الأولى متمثلة في تحالف (وكالة رويترز) وفريق شركة (سمانتيك) لأتمته مقاطع الفيديو التفاعلية من خلال تزويد المشتركين بالنفاذ لقاعدة ضخمة لبيانات تفاعلية مصورة. الحالة الثانية: قيام شركة (فيسبوك) بتسريح العاملين في قسم التزويد بقائمة الموضوعات الرئيسية وجعلها تعمل بشكل آلي.الحالة الثالثة في إعلان شركة (ترونك) استهدافها إنتاج ألفي فيديو يوميا بالاستعانة بأنظمة الذكاء الاصطناعي.
المبحث الثالث : والذكاء الاصطناعي وتحديات المؤسسات الإعلامية :
المطلب الأول : مزايا الاعلام في ظل الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية:
أنها جعلت وسائل الإعلام لاسيما الحديثة منها أكثر تأثيراً من أية عملية اتصالية في تاريخ الإنسان من قبل بفعل عوامل عدة، من أهمها أنها ساعدت وسائل الإعلام على الانتشار بحيث تتيح المعرفة لكل الطبقات في المجتمع، بجانب التغلب على المكان من خلال مرونة وسرعة الحركة، والتغلب على الزمان بتسجيل وحفظ المعلومات، والقدرة على التعبير ونقل كم هائل ومتنوع من الأفكار والمشاعر.
المطلب الثاني : وظائف الاعلام في ظل الثورة الذكاء الاصطناعي :
التوجيه وتكوين المواقف والاتجاهات، وزيادة الثقافة والمعلومات وتنمية العلاقات البينية وزيادة التماسك الاجتماعي، والترفيه وتوفير سبل التسلية وقضاء وقت الفراغ، والإعلان والدعاية كما أصبح الإعلام بوسائله الحديثة وبرامجه المتنوعة بمثابة أداة فاعلة في صناعة الرأي العام بما صدر عنه من تصورات وأفكار ومبادئ تعمل على إحداث تغيير مقصود في المجتمع المستهدف.
المطلب الثالث: تحديات المؤسسات الإعلامية في ظل الثورة الذكاء الاصطناعي:
ويتمثل التحدي الرئيس الذي يواجه المؤسسات الإعلامية في ظل الثورة الرقمية ليس التكنولوجيا فقط وإنما مشكلة هذه المؤسسات تكمن في غياب القيادة كإشكالية حقيقية، فعدم وجود القيادة التي تمتلك الرؤية أو المبادرة يجعل هذه المؤسسات الإعلامية في مهب الريح، أما التحدي التكنولوجي الذي يواجه هذه المؤسسات فهو أحد التحديات التي يمكن التعامل معها. وكمثال يمكن الاستشهاد به فإن صحيفة الجارديان البريطانية والتي كانت تخسر قبل ثلاث سنوات نحو 57 مليون جنيه إسترليني سنوياً قامت بعمل خارطة طريق من خلال قيادة جديدة برؤية مغايرة وتحولت من الشكل التقليدي إلى الشكل الرقمي، كما أضافت بعض الخدمات الإلكترونية، وكان أن تجاوزت خسائرها وحققت في عام 2018 أرباحاً تقدر ب 800 ألف جنيه إسترليني.
صحة وتتداول الاخبار :
وفي هذا الإطار يتحتم على الإعلاميين التقليديين الاستمرار في نشر المعلومات الصحيحة فعملهم هو نشر الحقيقة وليس الكذب، وهدفهم تقديم الخدمة الإعلامية للمتلقي على أساس من المصداقية، وبجانب الأدوار الإعلامية التقليدية فقد أصبحت مهمتهم تتضمن العمل على بيان الحقائق وتمييزها عما عداها من أخبار ومعلومات مغلوطة عبر المنصات التواصلية المختلفة.
ويعد سقف الحرية من أهم الأسس لتطوير المحتوى الإعلامي الذي تقدمه المؤسسات المعنية على تنوعها، وبدون ذلك لن يكون هناك محتوى جيد. أيضاً فإن من الضروري لتطوير المؤسسات الإعلامية الاستفادة من التجارب الناجحة عالمياً وعدم التقليل من المادة الصحفية أياً كانت إذا اكتملت أركانها. ومن المهم كذلك العمل على تطوير البنية التشريعية والتنظيمية التي يعمل من خلالها الإعلام، جنباً إلى جنب مع تشجيع وإعطاء الفرصة لنمو الصناعة الإعلامية بما يتلاءم ومتطلبات المستقبل.
الخاتمة : التوصيات
- تشجيع ودعم المبادرات الإعلامية الجادة الهادفة لتجويد المحتوى المعزز بالحقائق والمعلومات الدقيقة.
- حث المؤسسات الإعلامية على مواكبة التطورات المتلاحقة في مجال تقنيات العمل الإعلامي.
- يجب ألا ينحصر تفكير القيادات الإعلامية في مجرد عملية تقليص النفقات أو تقليص الموظفين؛ بل إن من
- الأجدى أن يلجأوا إلى التفكير في ابتكار قنوات دخل جديدة للمؤسسة الإعلامية، وتعزيز ولاء فريق العمل
- للمؤسسة الإعلامية، بالإضافة إلى إعطاء الفرصة لفريق العمل لأن يكون جزء من مشروع المؤسسة الإعلامية
- المستقبلي باعتبارهم شركاء في التطوير.
- أن تتجه المؤسسات الإعلامية إلى بناء التحالفات مع الأنماط الإعلامية الجديدة على نحو يعزز موقفها
- ويساعدها في تطوير محتواها.
- العمل على تفعيل حقوق الملكية الفكرية للتصدي لسرقة المحتوى الإعلامي.
المراجع :
- أحمد أبو السعيد: واقع تعليم الإعلام في الجامعات الفلسطينية في ضوء تطبيق مبادئ الجودة الشاملة، .88- المجلة العربية لضمان جودة التعليم الجامعي، المجلد الثاني، العدد الثالث، 2009 م، ص ص 37
- راضي رشيد حسن وعثمان محمد ذويب: اتجاهات البرامج الحوارية في القنوات الفضائية العراقية ،كلية التربية، مجلة واسط، العدد العاشر، ص 40
- خالد إبراهيم نبيل وسعيد أمين ناصف: الانعكاسات الاجتماعية للثورة الرقمية، المؤتمر المعماري الدولي السادس، قسم العمارة، جامعة أسيوط، مارس 2005 م.
- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: في فهم الأخبار المزيفة في لبنان: نشر الوعي حول الأخبار المزيفة ذات التأثير على الاستقرار الاجتماعي وحقوق الإنسان.